10 Oct
10Oct

الخطوة الأولى: التشخيص

يعد التشخيص الدقيق هو الحلقة الأهم في العملية العلاجية، بل أنه يمثل نصف العلاج تقريبا، إذ يحدد الأخصائي النفسي الذي تحضر عنده للفحص ما إذا كنتَ مصابا بالخجل أو بالرهاب الاجتماعي فعلا، إذ يجب التمييز بين الخجل وبين الرهاب. 

كما أنه يقوم بتحديد الأسباب المحتملة، فقد يكون السبب هو تعرضك لصدمة في مكان ما وبحضور أناس معينين، او بسبب اكتسابك السلوك من أحد أفراد عائلتك، أو بسبب نقص نفسي أو جسمي فيك، لأن التحديد السبب لا يقل أهمية عن التشخيص. 

الخطوة الثانية: تقييم الوضع العام

يضع الأخصائي النفسي وضعك النفسي والاجتماعي والأسري والاقتصادي والمهني وكل جوانب حياتك في نظر الاعتبار، إذ أن تقييمها قد يحدد مواطن خلل أخرى، فقد يكون السلوك ليس مكتسبا وليس بسبب صدمة معينة، وإنما بسبب ضعف في الشخصية أو بسبب كتب معينة قرأتها تدعو للمبالغة في الأخلاق والخجل، كما أنه يحدد ما إذا كانت جوانب حياتك الأخرى سليمة أو تحتاج لإصلاح قبل بدء العلاج أو خلاله. 

الخطوة الثالثة: التثقيف

ليس من الصحيح أن يباشر الإنسان كورس العلاج السلوكي المعرفي للخجل أو الرهاب الاجتماعي دون أن يثقف نفسه عن اضطرابه، ويزداد وعيه به، إذا لا بد من الإطلاع على ماهية الاضطراب وأعراضه وأسباب حدوثه والنظريات المفسرة له، والاطلاع على قصص المتعافين منه. 

وكذلك الاطلاع على خطوات العلاج السلوكي المعرفي لهذا الاضطراب وتقنياته، إذ أن الوعي بكل هذه المعلومات يجعلك أكثر تعاونا مع المعالج، وأكثر التزاما واهتماما بتطبيق التقنيات العلاجية. 

الخطوة الرابعة: تدوين الأفكار والسلوكيات

يبدأ معك المعالج جلسات استكشافية للأفكار التي تدور في ذهنك خلال تواجدك في المواقف الاجتماعية المخيفة لك، سيطلب منك أن تذكر له المواقف التي تسبب لك خوفا، ويسألك عن أفكارك في تلك المواقف، وربما يتطلب الأمر أن يقوم المعالج بتعريضك بشكل تخيلي بسيط للعديد من المواقف التي تخيفك، ويطلب منك مراقبة أفكارك وإخباره بها، ويعطيك واجبا منزليا يتضمن طلبا بمراقبة ذاتك وأفكارك لمدة لا تقل عن أسبوع، وتدوينها على الورق. 

هذا التدوين يساعدك في فهم نفسك أكثر ويزداد وعيك بان الاضطراب مجرد أفكار لا أكثر، كما أن المعالج يستعمل هذه الأفكار المكتوبة في علاجك بتقنيات نشرحها في الخطوات اللاحقة. 

الخطوة الخامسة: التمييز بين الأحداث والأفكار والمشاعر والسلوك والحقيقة

إن كلامنا عن الأحداث التي نتعرض لها لا يمثل الحدث نفسه، وإنما تفسيرنا للحدث، فلو جرى شجار في الشارع بين شخصين مثلا، وشاهدَ هذا الشجار عشرة أشخاص، وسألنا هؤلاء العشرة، سنجد كل شخص يصف الحادثة بشكل مختلف كثيرا أو قليلا عن البقية، ولذلك فإن مشكلات وتغيرات الحياة ليست وحدها المسؤولة عن مشكلاتنا النفسية، وإنما تفسيرنا لها. 

انطلاقا من هذه القاعدة يساعدك المعالج النفسي من خلال تدريبات معينة على التمييز بين الأحداث والأفكار والمشاعر والسلوك والحقيقة. 

دعني أضرب لك مثالا بشخص عندما يحضر في بيت عائلة زوجته، يشعر بتوتر كبير ويبدأ يتعرق بشدة ويتلعثم في الكلام، فلما طلبنا منه مراقبة ذاته وملئ الاستمارة الخاصة بالتمييز بين الأحداث والأفكار والمشاعر والسلوك كانت النتيجة كالتالي: 

- الحدث: وجوده في بيت عائلة زوجته. 

- المشاعر: توتر كبير يؤدي للتعرق واللعثمة بالكلام. 

- الأفكار: ركزَ على نفسه ووجد الفكرة التالية في ذهنه (كلهم ينظرون لي وباحتقار لأن كأس الماء سقط من يدي في بيتهم قبل سنتين) 

السلوك: يستأذن منهم ويعود لمنزله. 

الحقيقة: الحادثة تم نسيانها ولا يوجد لدى المريض أدلة تثبت. 

الخطوة السادسة: اكتشاف معاني الأفكار والمعتقدات الجوهرية وتصحيحها

يقوم المعالج بتدوين كل هذه الافكار لديه، ثم يكتشف معاني تلك الأفكار من خلال الاسئلة المنطقية وتقنية السهم الهابط (ماذا يعني ذلك بالنسبة لك) وإكمال الجمل، وبعد أن يدون تلك الافكار يبدأ باكتشاف المعتقدات الجوهرية بنفس الطريقة، ويدرب المريض على تحديها بشكل مستمر خلال الجلسات وفي الواجب المنزلي من أجل إزالة شحتنها العاطفية، إذ يستعمل المعالج تقنيات متنوعة مثل (محامي الدفاع) وخلالها يقوم المعالج بتوجيه أفكارك نفسها إليك، وتبدأ تدافع عن نفسك وتثبت بطلانها، فيقول لك إن الجميع ينظر إليك باحتقار، ويعطيك كل الادلة التي تثبت، بالمقابل تدافع أنت عن نفسك وتعطي أدلة مضادة، أو يستعمل تقنية (الاسئلة السقراطية) لفحص مدى ثبوت صحة هذه الافكار، وتقنيات علاجية معرفية أخرى. 

الخطوة السابعة: التعرض ومنع الاستجابة

يفترض إن المعالج النفسي قد دربك على تمرين الاسترخاء التنفسي والعضلي لمدة لا تقل عن 28 يوم من أجل خفض الكورتيزول والأدرينالين في الجسم وتقليل التوتر النفسي والعضلي لديك. ومن المفترض أيضا أنه شَرَحَ لك المعالج تقنية التعرض ومنع الاستجابة، قبل جلسة أو جلستين، وأعطاك واجبا للقراءة عنها بشكل أكبر كي تكون مستعدا. 

في الجلسة قبل جلسة التعرض، يطلب منك المعالج ترتيب مخاوفك من الأسهل إلى الأصعب، أي أن تبدأ بترتيب المواقف الاجتماعية التي تسبب لك خوفا ورهابا من أقل المواقف إخافةً لك إلى أصعبها، ثم يقوم المعالج في جلسة التعرض ومنع الاستجابة والتي مدتها 90 دقيقة، بتعريضك لهذه المواقف عن طريق التخيل أولا، ويمنعك من القيام بأي استجابة، فإذا جعلك تتخيل موقفا إنك في حفلة مثلا، وحاولت القيام بتصرف معين لتخفيض توترك فإنه يمنعك، وهكذا. 

بعد ان يصبح التعريض التخيلي لا يؤدي إلى أي استجابة عندك، فإنه ينتقل للتعريض الحقيقي، أي يجبرك على الاتصال بأحد وفتح كاميرا معه، او الحضور في مناسبة معينة، وهكذا. 

الخطوة الثامنة: الإنهاء ومنع الانتكاسة

هنا، انتهت جلسات العلاج السلوكي المعرفي، ويفترض أنك وصلت مرحلة التعافي التام بإذن الله، ولكن لا بد من منع الانتكاسة، لأن المريض يكون معرض للانتكاسة، فيقوم بتثقيفك على كيفية التعامل مع الانتكاسات والخروج منها بسلام، إلى أن يغادرك الاضطراب نهائيا، فيخبرك بالتالي: 

  1. الإنتكاسة لا تعني عودة الاضطراب بل هي مجر شيء مؤقت. 
  2. لا بد من الشعور بالأمل وعدم اليأس والخضوع للانتكاسة. 
  3. خلال الانتكاسة يجب الرجوع لممارسة التقنيات التي تدربنا عليها.

ويبلغك استناداً لخبرته ومعرفته بحالتك بأشياء وتقنيات أخرى مناسبة لك، بحيث تكون قادرا على التعامل مع حياتك بالشكل الأمثل.

ملاحظات أخرى: 

- إذا كان الرهاب الاجتماعي أو الخجل قد نشأ نتيجة صدمة نفسية، فإن المعالج سيعالج الصدمة أولا وسأقوم بشرح طريقة العلاج في جلسة لاحقة. 

- قد يأتي الاكتئاب أو القلق مرافقا للرهاب الاجتماعي، وهنا يقوم المعالج بعلاج الاضطرابين معا، وسأقوم ايضا بشرح تقنيات العلاج السلوكي المعرفي للاكتئاب. 

- إذا كانت حالتك حادة جدا وليس لديك القدرة على تطبيق تقنيات العلاج السلوكي المعرفي، فإن المعالج يوجهك لتناول الأدوية النفسية بعد مراجعة طبيب مختص. 

- إذا كنت تعاني من إدمان على الأدوية النفسية أو المخدرات، فإن المعالج يتابع الحالة مع الطبيب النفسي المتخصص.  

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.