الأخصائي النفسي وعد عباس
10 May
10May

التعامل الصحيح مع المصاب بالاكتئاب هو مفتاح خروج المريض من اكتئابه، ولذلك يجب أن تعلم الأسرة ويعلم الأصدقاء بأن دورهم مهم جدا، ولا يمكن أن ينجح العلاج دون دعمهم، وإليك خطوات التعامل الصحيح مع شخص مصاب بالاكتئاب: 

أولا/ فهم الاكتئاب: 

الاكتئاب هو اضطراب نفسي واسع الانتشار، يصيب ملايين الناس حول العالم، ويتجاوز كونه مجرد شعور حزن أو سوء مزاج، إنما هو مشكلة حقيقية مثل أي مرض جسدي. التحدي الكبير الذي يواجه المصابين به هو عدم تفهم المجتمع لهم، وبالتالي التعامل السيء معهم الذي يؤدي لتدهور الحالة أكثر فأكثر، ولذلك فإن الخطوة الأولى لك كشخص تحاول مساعدة المكتئب هو أن تقرأ كثيرا عن الاكتئاب لتفهمه فهما جيدا، يمكنك أن تقرأ كتبا أو مقالات في الانترنت أو تشاهد فيديوهات على يوتيوب... وهكذا. 

ثانيا/ الدعم العاطفي الفعال: 

من الضروري جدا الاستماع لمريض الاكتئاب، وتفهمه والتعاطف معه، دون أن مقاطعة أو إصدار أحكام بحيث تُتاح له مساحة آمنة للتعبير عن مشاعره وأفكاره بكل أريحية، ويمكنك اتباع النصائح التالية خلال الاستماع إليه: 

  • الإنصات له والتواصل البصري معه وليس إزاغة النظر بشكل مستمر.
  • عدم مقاطعته لأي سبب كان.
  • عدم إصدار الأحكام السلبية مهما كانت أفكاره غير مقبولة لديك.
  • التعاطف معه حتى لو لم تفهم كلامه، أو لم تعجبك تصرفاته.
  • أخبره إنك بجانبه دائما.
  • لا تلمه أبدا ولأي سبب.
  • لا تعطه نصائح من قبيل (تفائل – كن إيجابيا – الحياة جميلة...الخ)
  • تجنب مقارنته بغيره تماما.
  • ذكره بصفاته الإيجابية وإنجازاته السابقة.
  • ذكره بجوانب حياته الإيجابية.

ثالثا/ الدعم العملي والمساعدة اليومية:

يشعر مرضى الاكتئاب بفقدان الطاقة والشغف مما يجعل المهام البسيطة مرهقة للغاية  بالنسبة لهم، الأمر الذي يجعل المساعدة العملية شيئا هاما، وتتمثل هذه المساعدة بالتالي: 

  • إنجاز المهام اليومية الصغيرة عنهم مثل التسوق والطهي وتنظيف المنزل.
  • وضع أهداف صغيرة قابلة للتحقيق وحثهم على إنجازها وهذا شيء هام جدا لأنه يرفع ثقتهم بأنفسهم.
  • مساعدتهم في تنظيم وقتهم بدل إهداره بالضياع وعدم معرفة ماذا يجب أن يفعلوا، ويمكن الاستعانة بتنبيهات الهاتف وتطبيق الملاحظات مثل Google keep.
  • إنشاء روتين ثابت لحياتهم بحيث لا يتسبب لهم بالضياع ويتضمن أوقات النوم والاستيقاظ واوقات الوجبات والواجبات وغيرهما.

رابعا/ تشجيعه على طلب المساعدة التخصصية:

 لا يمكن لمريض الاكتئاب تجاوز مشكلته بنفسه، خاصةً إذا كانت المشكلة حادة، ولذلك فإن أهم أدوارك هو تشجيعه على الحصول على رعاية متخصصة من قبل الجهات الصحية: 

  • ابدأ بالتحدث عن الاكتئاب باعتباره مرضا حقيقيا ولا يدل على ضعف الايمان او ضعف الشخصية وإنما هو مسألة بيولوجية بحاجة للعلاج.
  • تحدث عن أهمية العلاج ومدى فعاليته وبالأدلة التي تجمعها مسبقا.
  • اعرض عليه قصص التعافي المتوفرة على الانترنت بكثرة.
  • إذا كان خائفا على سمعته أو خصوصيته، يمكنك إقناعه بالحضور اونلاين وإخفاء معلوماته الشخصية، وبعيدا عن أعين المجتمع.
  • إذا وجدته مقتنعا إلى حد ما احجز له عند أقرب متخصص لقلبه معالج أو طبيب ووفر له وسيلة نقل أو ثبت حجز اونلاين.

خامسا/ الصبر والتقبل:

 في الامراض الجسدية قد يظهر التحسن بشكل سريع مع العلاج، لكن الأمر مختلف مع الاضطرابات النفسية، حيث إن التعافي منه يتطلب وقتا طويلا في كثير من الأحيان، وتتكشف التحسن بشكل تدريجي بطيء إلى حد ما. ينبغي على العائلة تقبل تلك الحقيقة، والصبر على المريض وعدم إحباطه بأي كلام، بل الاكتفاء بتشجيعه على مواصلة العلاج وعدم اليأس من نتائجه، وملاحظة أي تحسن مهما كان طفيفا والإشادة به والتركيز عليه. 

سادسا/ تشجيع المريض على تبني عادات صحية: 

قد يكون من الصعب على مريض الاكتئاب تبني عادات صحية، ولكن تشجيعه عليها بأسلوب جميل، وبشكل تدريجي يمكن أن يجعله يبدأ بتبني عادات صحية، فمثلا نطلب منه أولا ان ينام ويستيقظ في موعد محدد، فإذا تعود على ذلك، نطلب منه على سبيل المثال ممارسة الرياضة ولو لمدة خمس دقائق يوميا في وقت الصباح، ونزيد الوقت تدريجيا، وهكذا نملأ حياته بالأنشطة تدريجيا، ما إن يتعود على نشاط ما، نشجعه على نشاط آخر، من الاسهل إلى الأصعب بالنسبة له. 

سابعا/ التعرف على علامات الحاجة للمساعدة الفورية:

في أي لحظة قد ينتكس مريض الاكتئاب انتكاسة شديدة تجعله يفكر جديا بالانتحار، ولهذا يجب ملاحظة سلوكياته وكلامه لمعرفة الأفكار التي تدور في ذهنه، واخذ الأمور بجدية دائما وليس بسخرية واستهزاء، فعندما تسمع منه عبارات تخص التفكير بالانتحار أو الرغبة بالموت، أو ينشر على السوشيال ميديا شيئا من هذا القبيل، أو يمارس سلوكيات معينة تدل على رغبته بإيذاء نفسه مثل توديع العائلة او تسوية الأمور المالية أو دخوله في عزلة حادة أو تناوله المواد الممنوعة أو تناول الكحول بكميات كبيرة، يجب أن تأخذ الأمور بجدية وتتصل بقسم الطوارئ المتخصص في منطقتك. 

ثامنا/ اعتنِ بنفسك: 

تقديم الدعم المستمر لشخص يعاني من الاكتئاب يمثل تحديا ويسبب إرهاقا عاطفيا وعقليا، ولكن لا تقلق، يمكنك اتباع التوصيات أدناه لحماية صحتك النفسية: 

  • لا تتحمل المسؤولية وحدك، وإنما اشرك افراد عائلتك القادرين وأصدقائك إذا كان ذلك ممكنا.
  • تعلم مهارات الاسترخاء من أجل منع تراكم التوتر.
  • درب نفسك على تقبل وضع المريض كما هو وبشكل مستمر، لأن التقبل يقلل التوتر.
  • لا توعد نفسك بأنه سيتعافى قريبا، اعتبر الأمر مزمنا وتقبل ذلك.
  • تذكر إنك تقوم بعمل إنساني عظيم عند الله عز وجل وكل يوم يكتب الله لك أجرا.
تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.