أولا وقبل كل شيء نحن المعالجون النفسيون لا ننصح أبدا بالزواج من الشخصية النرجسية، فإذا كنت في مرحلة حب انهيها، وإذا كنت في مرحلة الخطوبة افسخيها، وإذا كنت متزوجة بدون أطفال فالطلاق هنا أفضل بالتأكيد، هذا طبعا بعد أن تستشيري أخصائيا نفسيا معتمدا ويثبت لك إن زوجك نرجسي.
أقول هذا الكلام لأننا تعاملنا مع الكثير من ضحايا النرجسية من قبل، فهم مؤذون جدا في التعامل مع الآخرين نتيجة ما لديهم من صفات سلبية كالأنانية المفرطة وحب الذات الزائد والتمركز حول الذات والشعور بالأهمية وعدم الاعتراف بالخطأ والشعور بالغيرة تجاه الآخرين والميل إلى التلاعب والسيطرة. والأدهى من ذلك إن تغيره نحو الأحسن بجهودك يعد أمرا مستحيلا، لأن الأمر يتطلب منه اعترافا بوجود المشكلة ومن ثم خضوعا للعلاج النفسي، وبالتالي فإنه لا قيمة لمحاولاتك.
إن طريقة التعامل الشخص النرجسي مع زوجته، يفقدها ثقتها بنفسها وقدراتها، ويسلبها صحتها النفسية، وسعادتها، بل يصل الأمر في كثير من الأحيان إلى الأذى الجسمي أيضا.
ولأكون واقعيا هنا، فإن النصائح التي أكتبها في هذه المقالة للتعامل مع الزوج النرجسي ما هي إلا وسيلة لمساعدة النساء المظلومات اللاتي يكون الانفصال بالنسبة لهن أمر مستحيل نتيجة ظروف معينة:
اتصلي باخصائي نفسي معتمد ولديه الخبرة اللازمة، واطرحي المشكلة عليه، سوف يأخذ منك الكثير من البيانات ليخرج بتشخيص دقيق لحالة لشخصية زوجك، وتتأكدين حينها إذا كان نرجسيا أو لا وبأي درجة، هذا سيجعلك متأكد من صحة جميع الخطوات التالية التي ستقومين بها في علاقتك مع زوجك. إذ أن بعض الزوجات يفشل في التعامل مع أزواجهن فيتهمنه بالنرجسية.
بعد أن ثبت لك إن زوجك مصاب باضطراب الشخصية النرجسية، وتعرفين إن كل محاولاتك لتغييره لن تكون مجدية أبدا، ستكونين أمام ثلاث خيارات صعبة، ستسبب لك صراعا نفسيا حادا يجب حله بأسرع وقت من خلال استخراج سلبيات وايجابيات كل من هذه الخيارات الثلاثة ولو بمساعدة أحد الاهل او مساعدة شخص ذي خبرة، والأفضل هنا أن تقرأي كتاب (قوانين التحرر من الصراع النفسي للدكتور يوسف الحسني) وهذه الخيارات التي يجب حساب سلبياتها وايجابياتها بشكل دقيق هي:
إذا قررتِ اختيار أحد الخيارين الأخيرين الثاني أو الثالث:
يجب أن تتقبلي زوجك كما هو، ولا تبذلي أيَّ جهد فكري أو بدني لتغيير شخصيته، وخاصة من خلال النصح والتوجيه المباشر، وكوني على ثقة بأن كل سلوكياتك لا قيمة لها، ولن تغير منه شيئا.
فبدلا من الانشغال الذي لا فائدة منه بتغيير شخصيته، اشغلي نفسك بكيفية حماية ذاتك من نرجسيته.
يقوم زوجك بالعديد من السلوكيات النرجسية، مثل إهانتك والتعالي عليك وربما ضربك في بعض الأحيان، أريد منك بدلا من الانشغال بالحزن والانتقام، أن تراقبي سلوكياته هذه، وتعرفي المواقف المحفزة لها.
الشخص النرجسي يقوم بسلوكياته النرجسية نتيجة مخاوفه الداخلية الدفينة ومحاولة التستر على شعوره بالنقص، فأرجو أن تكتبي هذه المواقف المحفزة لتلك الأفكار والسلوكيات، قد يكون الموقف كلمة أو جملة أو نظرة أو طبخة لا يحبها أو مشهد تلفزيوني معين أو فيديو أو منشور فيسبوك.
تنزعج الزوجة من الزوج الذي يخلف وعوده ويكذب في اقواله، وهنا يجب أن يتغير انزعاج المرأة إلى تقبل، لأن صفة الكذب والخداع وعدم إيفاء الوعود هي جزء من شخصية النرجسي ولا يمكن تغييرها.
وكي تحمي نفسك من الانزعاج والشعور بالحزن والخذلان، لا تصدقي كل شيء يقوله، مهما بدا الوعد حقيقيا والكلام منسوجا بشكل جميل، هم مبدعون في القول طبعا، لكنهم ليسوا كذلك في الفعل.
ومع ذلك احذري من تكذيبه أو الاستهزاء بكلامه أو الاعتراض عليه، بل تظاهري بأنك تصدقينه واشكريه.
الشخص النرجسي سريع الانفعال كثير الغضب، ولا يحب أن يرى زوجته منفعلة عند التعامل معه أو الحديث إليه، فهذا يشعره بدنو قيمته أمامها، الأمر الذي يجعل الوضع أسوأ، فمن المهم إذن التزام الهدوء التام والسيطرة على انفعالاتك عند التكلم معه.
إذا كنت تشعرين بالتوتر، مارسي تمرين الاسترخاء أو التأمل قبل الحديث إليه في المواضيع الهامة.
عندما تتحدثين مع زوجك النرجسي، احذري من استعمال العبارات الهجومية، أو التي تشعره بأنها هجومية، او تحمله المسؤولية، هو لا يتقبل ذلك ابدا، فإذا تأخر إصلاح صنبور المياه وتسبب الأمر ببعض الأضرار البسيطة في المنزل، لا تتحدثي بهذه الطريقة وبانفعال:
انت السبب في كل ما حدث، انت رجل مهمل ....
بدلا من ذلك، هدئي نفسك وقولي:
يا زوجي الحبيب اعرف انك احتمال نسيت والله يساعدك على كثرة العمل وصعوبات الحياة بس إذا ممكن تساعدني أصلح الأمر أو تصلحه أنت.
الزوج النرجسي أناني جدا ولا يفكر إلا بنفسه واحتياجاته، ولا مانع لديه من أن يدوس على كل حدودك من اجل نفسه، فالأفضل أن تجلسي معه جلسة حقيقية ولو بحضور واحد من اهله أو أهلك، وتضعين له حدودا واضحة، مثل:
1. لا يمكنني الرد على مكالماتك وأنا مشغولة بمكالمة أخرى، وهذا لا يدل على عدم احترامي لك، ولكن للناس احترامهم ايضا.
2. عندما يكون أحد الأطفال مريضا جدا فأنا مضطرة للنوم قريبة منه كي أراقبه.
وهكذا تضعين كل الحدود، وتوضحين له بالادلة والإثباتات العقلية والنقلية إن كل هذا لا يضر بسمعته ابدا ولا يقلل من شأنه وهذه هي العلاقة الزوجية الطبيعية.
لا تتجاهليه في كل الأحوال، سواءً كان هادئا أو منفعلا، سواءً كانت المحادثة مباشرة أو صوتية أو فيديوية أو نصية.
أنصحك باستشارة اخصائي نفسي ذي خبرة يدربك على الحفاظ على صحتك النفسية وكيفية إدارة التوتر والتعامل معه بالشكل الأمثل.